كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بنود الخطة التي اتفقت كييف عليها مع الولايات المتحدة سعيا لإنهاء الحرب مع روسيا، مع تبقي نقاط عالقة بشأن التنازل عن أراضٍ وموقف موسكو من هذا المقترح المعدّل.
وحققت كييف مكتسبات في الطرح الجديد المؤلف من 20 بندا، وتضمن تعديلات عن الخطة الأميركية الأساسية التي كانت من 28 بندا، وأخذت في الاعتبار الكثير مما تريده روسيا. وبينما توقع زيلينسكي تلقي رد من موسكو الأربعاء، يُستبعد أن يتخلى الكرملين عن مطالب أساسية بالنسبة إليه، لا سيما تنازل أوكرانيا عن مناطق في شرق البلاد.
وأقر الرئيس الأوكراني بأن كييف غير راضية عن بعض النقاط في الصيغة الجديدة التي تم التوصل إليها خلال لقاءات مع مسؤولين أميركيين في مدينة ميامي خلال عطلة نهاية الأسبوع.
الا أن كييف حققت بعض المكاسب.
فبموجب المسودة النهائية، لم يعد يتوجب عليها الانسحاب فورا من منطقة دونيتسك، أو الاعتراف بأن الأراضي التي تسيطر عليها قوات موسكو هي روسية. وأكد زيلينسكي أن المسودة تجمّد جبهات القتال عند خطوط التماس الحالية، لكنها تمهّد لانسحاب من مناطق معيّنة وإقامة مناطق منزوعة السلاح.
ولم يعد لزاما على أوكرانيا أن تعدّل قوانينها بشكل يضمن تخليها رسميا عن السعي للانضمام الى حلف شمال الأطلسي.
وعرض زيلينسكي الخطة خلال لقاء مع صحافيين أحدهم من وكالة فرانس برس، عقد الثلاثاء ونشر مضمونه الأربعاء.
وقال زيلينسكي “في مناطق دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، سيتم اعتماد خط انتشار القوات في تاريخ هذا الاتفاق عمليا كخط التماس”.
وأضاف “ستجتمع مجموعة عمل لتحديد إعادة الانتشار اللازمة للقوات لإنهاء النزاع، إضافة الى تحديد معايير المناطق الاقتصادية الخاصة المستقبلية”.
وتابع “سنحصل على الرد الروسي بعدما يتحدث الجانب الأميركي إليهم”.
وفي موسكو، اكتفى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بالقول إن روسيا “تقوم بصياغة موقفها”، رافضا الادلاء بأي تفاصيل بشأن مضمون الطرح.
وبدا أن الخطة تمهّد لخيارات كانت أوكرانيا مترددة بشأنها وتتمثل بسحب قواتها وإقامة مناطق منزوعة السلاح، لكنها تؤخرها الى مراحل لاحقة.
وقال زيلينسكي “نحن في وضع حيث يريد منا لروس الانسحاب من منطقة دونيتسك بينما يحاول الأميركيون إيجاد طريقة” للمضي قدما. وتابع “يبحثون عن منطقة منزوعة السلاح أو منطقة اقتصادية حرة، أي صيغة قادرة على إرضاء الطرفين”.
ناتو وأراضٍ وطاقة نووية
ويسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ أشهر لدفع موسكو وكييف الى إنهاء الحرب التي اندلعت مع الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر شباط/فبراير 2022.
وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف وإلحاق دمار هائل في شرق أوكرانيا، ودفعت الملايين للفرار.
وتواصل القوات الروسية التقدم ببطء لكن بثبات في الميدان. وتشن موسكو ضربات بالصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل شبه يومي على أوكرانيا، تستهدف غالبا مراكز المدن ومنشآت الطاقة.
وكانت روسيا أعلنت في أيلول/سبتمبر 2022، بعد أشهر على بدء الغزو، ضمّ أربع مناطق أوكرانية هي دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، رغم عدم سيطرتها عليها عسكريا بالكامل. وتضاف هذه المناطق الى شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو عام 2014.
ولم يبد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرونة تذكر حيال مطالبه لإنهاء الحرب، خصوصا تخلي أوكرانيا عن مناطق في شرق البلاد وتقديم تنازلات سياسية كبرى. وسبق لكييف وحلفائها الأوروبيين ان اعتبروا هذه المطالب بمثابة استسلام.
الا أن زيلينسكي أقر بأنه قد يضطر الى المساومة خصوصا في مسألة التنازل عن الأراضي، خشية فقدان الدعم العسكري الحيوي الذي توفره واشنطن. لكنه ذكر بأنه سيتعيّن على أي خطة تنص على سحب كييف لقواتها أن تطرح للاستفتاء.
وقال “منطقة اقتصادية حرة. إذا كنا سنناقش ذلك، فعلينا أولا طرح المسألة للاستفتاء”.
وحُذف من الخطة أيضا شرط إلزام كييف بالتخلي قانونيا عن مسعاها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، رغم أن واشنطن شددت مرارا على أنها لن تسمح بضمّها إلى التحالف العسكري الغربي.
وقال زيلينسكي إن “انضمام أوكرانيا أو عدمه هو خيار أعضاء الناتو. اتّخذنا نحن خيارنا. ابتعدنا عن التعديلات المقترحة للدستور الأوكراني التي كان من شأنها أن تمنع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو”.
وترفض موسكو أي مسعى لانضمام جارتها الى الحلف الأطلسي، علما بأنها أدرجت هذه المسألة ضمن مبررات الغزو عام 2022.
تنص الخطة أيضا على إدارة أميركية-أوكرانية-روسية مشتركة لمحطة زابوريجيا التي تحتلها القوات الروسية. وأفاد زيلينسكي بأنه لا يرغب بأي إشراف روسي على المنشأة.
واقترحت أوكرانيا أيضا بأن تكون إنيرهودار، وهي مدينة تحتلها روسيا وتشرف على محطة زابوريجيا للطاقة النووية، منطقة منزوعة السلاح.
وأشار زيلينسكي الى أن أوكرانيا لن تجري انتخابات رئاسية إلا بعد توقيع الاتفاق مع روسيا.
وسبق لمسؤولين روس وأوكرانيين أن عقدوا مباحثات مباشرة خلال العام الجاري في مدينة اسطنبول التركية، من دون التمكن من ردم الهوة بين مواقف الجانبين والتي لا تزال متباعدة.
° 23.3 