أفادت السلطات الإيرانية بتعرض مبنى حكومي في جنوب إيران لهجوم في اليوم الرابع من الاحتجاجات على غلاء المعيشة والأزمة الاقتصادية، فيما حذّر القضاء من أنه سيتعامل على نحو “حازم” مع أي استغلال للتظاهرات يهدف إلى “زعزعة الأمن”.
ونقل موقع “ميزان” القضائي عن رئيس السلطة القضائية في مدينة فسا حامد أوستوفار “تضررت البوابة الرئيسية لمبنى محافظ المدينة في هجوم نفذه عدد من الأفراد”، من دون تحديد ملابسات الهجوم أو الإشارة إلى الاحتجاجات.
وتقع فسا على بُعد 780 كيلومترا جنوب العاصمة طهران، حيث انطلقت حركة احتجاجية عفوية ضد غلاء المعيشة الأحد بين أصحاب المحلات التجارية، قبل أن تمتد إلى بعض الجامعات.
وكان المدعي العام بالجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد موحدي آزاد قال في وقت سابق في تصريح للتلفزيون الرسمي “من وجهة نظر قضائية (…) يمكن تفهُّم التظاهرات السلمية دفاعا عن سبل العيش”.
لكنّه أكّد أن “أية محاولة لتحويل هذه الاحتجاجات الاقتصادية أداة لزعزعة الأمن، أو لتدمير الممتلكات العامة، أو لتنفيذ سيناريوهات أُعدّت في الخارج، ستُقابل حتما برد قانوني متناسب وحازم”.
ودعا جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) الأربعاء في منشور بالفارسية عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” المتظاهرين الإيرانيين إلى تكثيف حراكهم الاجتماعي، مؤكدا أنه معهم “على الأرض”.
واتهمت الجمهورية الإسلامية مرارا اسرائيل بتنفيذ عمليات تخريب لمنشآتها النووية وباغتيال علماء وعسكريين وسياسيين على أراضيها.
“من اجل لقمة العيش”
وكانت هذه التظاهرات المتفرقة احتجاجا على التضخم المفرط والتدهور الاقتصادي، بدأت الأحد في أكبر أسواق الهواتف المحمولة في طهران، وما لبثت رقعة الاحتجاجات أن اتسعت، إذ تظاهر طلاب الثلاثاء في عشر جامعات على الأقل في طهران وفي مدن عدة أخرى، وفقا لما أفادت وكالتا “إرنا” للأنباء.
وقال نائب رئيس جامعة طهران محمد رضا تقي دخت لوسائل الإعلام إن أربعة طلاب أوقفوا الثلاثاء ثم أطلِق سراحهم ليلا.
وأُقفلت المدارس والمصارف والمؤسسات العامة في كل أنحاء إيران تقريبا بقرار من السلطات التي عللت الخطوة بالبرد القارس وبترشيد استهلاك الطاقة.
كذلك أعلنت جامعات في العاصمة أن الدروس ستُوفّر عبر الإنترنت طوال الأسبوع المقبل بسبب الطقس البارد، بحسب وكالة “إرنا”.
ولم تُشر السلطات رسميا إلى أية صلة بين هذا القرار والاحتجاجات الجارية.
وتتدنى الحرارة ليلا في طهران راهنا إلى ما دون الصفر، وهو أمر معتاد في هذا الوقت من السنة.
وفقد الريال الإيراني أكثر من ثلث قيمته في مقابل الدولار خلال العام الفائت، في حين يؤدي التضخم المفرط الذي تجاوز 10 في المئة إلى إضعاف القدرة الشرائية للإيرانيين منذ سنوات.
ولم تعد بعض الاحتياجات الأساسية الباهظة الثمن في متناول شريحة من السكان الذين يعانون من العقوبات الدولية المفروضة على إيران منذ أربعة عقود.
وقال أحد المتظاهرين في مقابلة مع صحيفة “اعتماد” الثلاثاء “الجميع هنا يناضل من أجل لقمة العيش”.
قلق
وما يساهم في زيادة قلق الإيرانيين المخاوف من تجدد الصراع مع إسرائيل في أعقاب حرب الأيام الاثني عشر بين البلدين في حزيران/يونيو، وإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران في أيلول/سبتمبر بسبب برنامجها النووي.
وأشارت الحكومة إلى أن كبح التضخّم سيكون أولوية قصوى لحاكم للبنك المركزي الجديد عبد الناصر همّتي الذي تسلّم منصبه الأربعاء.
غير أن موجة السخط الحالية إزاء غلاء المعيشة لا تزال في هذه المرحلة أضيق بكثير مقارنة بالاحتجاجات الواسعة التي هزّت إيران أواخر عام 2022 عقب وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني أثناء احتجازها.
وكانت وفاتها بعد اعتقالها على يد شرطة الأخلاق بتهمة انتهاك قواعد اللباس الصارمة في إيران، أثارت موجة غضب عارم ة أسفرت عن مقتل مئات الأشخاص، بينهم عشرات من أفراد قوات الأمن.
في عام 2019، اندلعت احتجاجات في إيران عقب الإعلان عن زيادة حادة في أسعار البنزين. وامتدت المظاهرات إلى نحو مئة مدينة، من بينها طهران، وأسفرت عن عشرات القتلى.
° 11.9 