تمكن باحث الفيزياء الكويتي حسين محمد القطان المبتعث من جامعة الكويت مع مجموعة من زملائه في مجموعة بحثية وحيدة من نوعها في العالم ومؤلفة من باحثين من ألمانيا واليابان في جامعة (أريزونا) الأمريكية بإشراف أستاذ الفيزياء والضوء الدكتور محمد حسن “من التحكم في حركة الالكترونات داخل الزجاج وتحويله إلى مادة موصلة بسرعة الأتوثانية”.

وقال القطان في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الأربعاء إن الأتوثانية مقياس زمني يمثل سرعة حركة الالكترونات في الذرات مبينا أنه في عام 1999 حاز العالم العربي الراحل الدكتور أحمد زويل جائزة (نوبل) للكيمياء لتحكمه بحركة الجزيئات والذرات في زمن الفيمتوثانية وفي هذا البحث “قمنا بتكملة المسيرة وتحكمنا بحركة الالكترونات الأسرع من حركة الجزيئات والذرات بألف ضعف”.
وتوقع أن يكون لهذا الكشف العلمي تأثير مماثل لتأثير أبحاث الفيمتوثانية الخاصة بالدكتور زويل معتبرا أن هذا البحث يعد سبقا علميا تم نشره في مجلة (Nature Photonics) التي تصنف الأولى عالميا في مجال الذرة والضوء “وما زال هذا السبق حديث الإعلام العربي والدولي”.

وذكر إنه انضم إلى مجموعة الدكتور حسن المعروف بمجال فيزياء الأتوثانية لشغفه الشديد بأهداف الدكتور حسن العلمية ونجاحاته ولقربه الشديد من الدكتور زويل قبل وفاته حيث عمل معه لمدة أربع سنين في أواخر حياته.
وقال إن “عملنا لم يقف عند هذا الحد فنحن الآن نعمل على التحكم في الإشارات الضوئية المنعكسة من الزجاج والتي ستمكننا من نقل المعلومات محملة على الليزر ما يعني زيادة حجم المعلومات وسرعة نقلها مسافات واسعة تصل إلى أعماق الفضاء”.
وأوضح أن هذا الإنجاز العلمي يشكل جزءا رئيسا من رسالته للدكتوراه معربا عن طموحات المجموعة البحثية في تحقيق الخطوة المقبلة وهي التقاط صور لحركة الالكترونات داخل المواد بالسرعة الزمنية نفسها والتي تعدالنقطة المتممة للرسالة.
وقال إن التقنية عملت على تطوير نبضات الليزر في أجهزة المطياف الضوئي فزادت سرعتها ألف مرة (أتوثانية) ما يجعلها قادرة على رصد حركة الإلكترونات.
وأفاد أنه باستخدام الرسم الطيفي يمكن تطبيق تقنية (قياسات الوقت الطيفي) التي تعتمد على توجيه ضوئين مختلفين إلى المادة يسمى أحدهما (المؤثر) وله تأثير قوي على المادة فدوره إثارة الإلكترونات لتنتقل إلى مستوى طاقة أعلى وأما الآخر فيسمى (المسبار) وعلى عكس المؤثر فالمسبار شعاع ليزر ضعيف وليس له تأثير على المادة ودوره تصوير حركة الإلكترونات فحسب.
وأوضح أن الفريق البحثي استخدم قطعة من الزجاج وسلط عليها شعاعي الليزر (المؤثر) و(المسبار) فأما (المؤثر) فقد غير الخصائص الضوئية للزجاج وأما (المسبار) فهو آلية رصد هذا التغيير إذ ينعكس الضوء منه ليشكل طيفا ضوئيا (الرسم الموجي) مميزا للزجاج في حالة التوصيل للكهرباءأو في حالته كمادة عازلة “كما يزودنا بمعلومات عن حركة الإلكترونات داخل الزجاج”.
وبين أنه تم استعمال تقنية (قياسات الزمن الطيفية) وتعني في الفيزياء دراسة العمليات الديناميكية في المواد والتفاعلات الكيميائية وكلما كان المسبار أسرع كانت دقة الرصد الزمني أعلى وعليه فإن دقة أجهزة التحليل الطيفي المستندة إلى ليزر الفيمتوثانية تكون أعلى من دقة أجهزة النانوثانية وتعد الأتوثانية أدقها الآن على الإطلاق.
وذكر إن الفريق توصل من خلال استخدام مادة ثاني أكسيد السيليكون (الزجاج) وهي في الأصل مادة عازلة للكهرباء وسلط عليها شعاعا من موجات الضوء بمجال كهربائي قوي وبسرعة الأتوثانية للتحكم في حركة الإلكترونات داخل الزجاج ليغير خصائصه من مادة عازلة للكهرباء إلى مادة موصلة للكهرباء وتحديد سرعة حركة الإلكترونات والمدى الزمني لتحول الزجاج من مادة عازلة إلى مادة موصلة في زمن الأتوثانية.
من جانبه أشاد الدكتور حسن بجهود الفريق البحثي وبخاصة الباحث القطان ودكتورة فيزياء الالكترونيات دندن هوي كباحثين رئيسين للبحث المنشور.
وأكد انهما “قاما بعمل رائع باستخدام نبضات الليزر في زمن الأتوثانية لتحويل الزجاج إلى مادة موصلة ما يفتح المجال لتطوير إلكترونيات جديدة مثل الحاسب الآلي والهواتف النقالة التي تعمل بالليزر”.
وكشف عن أنه بعد هذا الاختراع ستكون سرعة هذه الأجهزة مئة مليون مرة أسرع من الإلكترونيات الحالية قائلا “إن هذا البحث يعد خطوة أولى نحو تطوير إلكترونيات المستقبل”.
وأعرب عن اعتزازه بأن دورية (Nature Photonics) نوهت بهذا البحث وأهميته بنشرها مقالا لأكاديمي متخصص بجامعة (ستانفورد) يتحدث فيه عن أهمية البحث والنقلة النوعية التي سيحدثها في مجال الفيزياء.